التهاب الدماغ: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج
التهاب الدماغ هو حالة طبية خطيرة تحدث عندما يصاب نسيج الدماغ بالالتهاب، وغالبًا ما يكون السبب عدوى فيروسية، وقد تؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات مهددة للحياة. يتطلب التشخيص المبكر والعلاج الفوري لتقليل الأضرار طويلة الأمد. في هذه المقالة، نستعرض بشكل شامل الأسباب، الأعراض، طرق التشخيص، وخيارات العلاج الحديثة.
ما هو التهاب الدماغ؟
التهاب الدماغ (Encephalitis) هو تورم في أنسجة الدماغ ناتج عن عدوى أو تفاعل مناعي ذاتي. قد يكون حادًا (مفاجئًا وسريع التطور) أو مزمنًا (يتطور ببطء ويستمر لفترة طويلة). تختلف الأعراض من حالة لأخرى اعتمادًا على شدة الالتهاب وموقعه داخل الدماغ.
أسباب التهاب الدماغ
تنقسم أسباب التهاب الدماغ إلى فئتين رئيسيتين:
1. الأسباب الفيروسية
العدوى الفيروسية هي أكثر الأسباب شيوعًا، ومن أبرز الفيروسات المسببة:
فيروس الهربس البسيط (HSV)
فيروس غرب النيل
فيروس النكاف والحصبة
الفيروسات المعوية مثل كوكساكي
فيروس داء الكلب
2. الأسباب غير الفيروسية
بعض الحالات تنجم عن استجابات مناعية مفرطة أو أمراض مزمنة، مثل:
أمراض المناعة الذاتية (مثل التهاب الدماغ المناعي الذاتي)
التفاعلات الدوائية
بعض أنواع السرطان (التهاب الدماغ المصاحب للأورام)
أعراض التهاب الدماغ
تتنوع أعراض التهاب الدماغ بحسب عمر المريض، ونوع الفيروس أو السبب، وشدة الالتهاب. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:
الحمى والصداع الشديد
التشوش الذهني أو فقدان الوعي
النوبات (التشنجات)
تيبس الرقبة
الحساسية الشديدة للضوء
تغيرات في الشخصية أو السلوك
مشاكل في النطق أو الحركة
عند الأطفال، قد تظهر أعراض غير نمطية مثل البكاء المستمر، صعوبة الرضاعة، أو انتفاخ اليافوخ.
تشخيص التهاب الدماغ
يُعد التشخيص الدقيق أمرًا حاسمًا في فعالية العلاج. ويشمل ما يلي:
1. التقييم السريري
يبدأ الطبيب بفحص الأعراض الجسدية والعصبية للمريض، إضافة إلى مراجعة التاريخ الطبي.
2. التحاليل المخبرية
تحليل السائل الدماغي الشوكي (CSF) عن طريق البزل القطني.
اختبارات الدم لرصد الفيروسات أو الأجسام المضادة.
3. الفحوصات التصويرية
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد مناطق الالتهاب.
التصوير المقطعي المحوسب (CT) للكشف عن التورم أو النزيف.
4. التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG)
يُستخدم لمراقبة النشاط الكهربائي واكتشاف النوبات أو التغيرات غير الطبيعية.
علاج التهاب الدماغ
يعتمد العلاج على السبب وشدة الحالة. يُفضل البدء به مبكرًا لتقليل المضاعفات:
1. العلاج الدوائي
مضادات الفيروسات: مثل الأسيكلوفير، خاصة في حالات الهربس.
الستيرويدات: لتقليل الالتهاب في الحالات المناعية الذاتية.
مضادات التشنج: للتحكم في النوبات.
المضادات الحيوية: إذا اشتبه في عدوى بكتيرية مصاحبة.
2. الدعم العلاجي
الراحة التامة والسوائل الوريدية.
علاج الأعراض المصاحبة كالحمى أو الضغط الدماغي المرتفع.
3. التأهيل العصبي
بعد تجاوز المرحلة الحادة، قد يحتاج المريض إلى جلسات علاج طبيعي، وعلاج نُطقي ومعرفي لتعويض المهارات المتأثرة.
مضاعفات محتملة لالتهاب الدماغ
إذا لم يُعالج بسرعة، يمكن أن يؤدي إلى:
ضعف دائم في الحركة أو الذاكرة
اضطرابات نفسية وسلوكية
مشاكل في النطق أو الإدراك
في بعض الحالات، الغيبوبة أو الوفاة
الوقاية من التهاب الدماغ
رغم أن بعض الأسباب لا يمكن تجنبها، إلا أن هناك إجراءات تقلل من احتمالية الإصابة:
التطعيمات ضد الحصبة، النكاف، الحصبة الألمانية، وداء الكلب
اتخاذ احتياطات ضد لدغات البعوض (في المناطق الموبوءة)
الحفاظ على النظافة الشخصية
تجنب الاتصال المباشر مع مرضى العدوى الفيروسية
خلاصة
يُعد التهاب الدماغ حالة طبية طارئة تتطلب تدخلًا فوريًا. الفهم الجيد لأسبابه وأعراضه والتشخيص المبكر يمكن أن ينقذ الحياة ويقلل من خطر المضاعفات الدائمة. إذا ظهرت أي أعراض عصبية مفاجئة أو غير مفسرة، ينبغي التوجه فورًا إلى أقرب مركز طبي لتقييم الحالة.