مرض ويلسون: الأسباب، الأعراض، والعلاج
مرض ويلسون هو اضطراب وراثي نادر يؤثر على تراكم النحاس في الجسم. عادةً، يقوم الكبد بتصفية النحاس الزائد من الدم وإفرازه في العصارة الصفراوية، ولكن في مرض ويلسون، يتعذر على الجسم التخلص من هذا النحاس بشكل فعال، مما يؤدي إلى تراكمه في الأنسجة المختلفة مثل الكبد و الدماغ و الكلى. مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي هذا التراكم إلى تضرر الأعضاء الحيوية وقد يتسبب في مشاكل صحية خطيرة.
ما هو مرض ويلسون؟
مرض ويلسون هو اضطراب وراثي ناتج عن طفرة جينية في الجين ATP7B، الذي يساهم في نقل النحاس من خلايا الكبد إلى العصارة الصفراوية للتخلص منه. عند حدوث الطفرة، يتراكم النحاس في الجسم بسبب عدم قدرة الكبد على التخلص منه، مما يؤدي إلى تدهور الأعضاء الحيوية. يمكن أن يظهر مرض ويلسون في أي مرحلة عمرية، لكن غالبًا ما يتم تشخيصه في سن المراهقة أو العشرينات.
يعد مرض ويلسون مرضًا وراثيًا متنحيًا، مما يعني أن الشخص يجب أن يرث نسخة معطوبة من الجين من كلا الوالدين ليصاب بالمرض.
أسباب مرض ويلسون
يتسبب مرض ويلسون في طفرة جينية في جین ATP7B الموجود على الكروموسوم 13، الذي يساهم في تنظيم مستويات النحاس في الجسم. في الحالة الطبيعية، يقوم هذا الجين بترتيب عملية التخلص من النحاس الزائد في الكبد عبر العصارة الصفراوية، لكن عندما يكون الجين معطوبًا، يتراكم النحاس في الجسم، مما يؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية.
نظرًا لأن مرض ويلسون هو مرض وراثي، فإن الشخص يحتاج إلى وراثة الجين المعطوب من كلا الوالدين ليظهر المرض. إذا كان أحد الوالدين فقط هو الحامل للجين المعيب، قد لا تظهر الأعراض، ولكن يمكن نقل المرض إلى الأجيال القادمة.
أعراض مرض ويلسون
تختلف أعراض مرض ويلسون باختلاف الأعضاء المتأثرة ومدى تراكم النحاس في الجسم. ومن أبرز الأعراض:
1. أعراض كبدية (الكبد)
تضخم الكبد (Hepatomegaly).
التهاب الكبد: مما قد يؤدي إلى تليف الكبد أو فشل الكبد في الحالات المتقدمة.
اليرقان: تلون الجلد والعينين باللون الأصفر بسبب تراكم البيليروبين نتيجة تدهور الكبد.
2. أعراض عصبية (الدماغ)
الاضطرابات الحركية: مثل الرعشة أو الحركات اللاإرادية أو الصلابة في العضلات (مماثلة لما يحدث في مرض باركنسون).
صعوبة في الكلام: قد يكون الكلام غير واضح أو متقطع.
تدهور الوظائف المعرفية: مثل صعوبة التركيز، فقدان الذاكرة، و اضطرابات في التفكير.
3. أعراض كلوية (الكلى)
تراكم النحاس في الكلى قد يؤدي إلى الفشل الكلوي أو مشاكل في التبول.
4. أعراض عينية (العينين)
حلقة كايسر-فلايشر (Kayser-Fleischer ring): وهي حلقة بنية أو خضراء اللون حول قرنية العين، وهي من العلامات المميزة لمرض ويلسون.
5. أعراض نفسية
تغيرات في المزاج: مثل الاكتئاب أو القلق.
تغيرات سلوكية: مثل العدوانية أو اللامبالاة.
تشخيص مرض ويلسون
يتم تشخيص مرض ويلسون من خلال مجموعة من الفحوصات التي تهدف إلى تحديد تراكم النحاس في الجسم:
1. الفحص السريري
يقوم الطبيب بمراجعة الأعراض التي قد تشير إلى مشاكل في الكبد أو الدماغ أو العينين.
2. تحليل الدم
قد يُظهر ارتفاع مستويات النحاس في الدم.
مستوى السيرولوبلاسمين (ceruloplasmin) الذي يكون منخفضًا في مرض ويلسون.
3. فحص البول
زيادة مستوى النحاس في البول يمكن أن يشير إلى وجود المرض.
4. التصوير الطبي
قد يستخدم الطبيب الموجات فوق الصوتية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لفحص الكبد و الدماغ.
5. فحص العين
يُمكن الكشف عن حلقة كايسر-فلايشر باستخدام الفحص المجهري للقرنية.
6. الفحص الجيني
قد يُستخدم الفحص الجيني لتحديد الطفرة في الجين ATP7B، مما يساعد في التأكد من التشخيص.
علاج مرض ويلسون
يهدف علاج مرض ويلسون إلى تقليل تراكم النحاس في الجسم ومنع الضرر الذي يسببه. يتضمن العلاج عادةً:
1. الأدوية الخافضة للنحاس
الدايميركابرول و البنسيلامين هما الأدوية الأكثر استخدامًا في علاج مرض ويلسون. تساعد هذه الأدوية في إزالة النحاس الزائد من الجسم.
2. مكملات الزنك
قد يُستخدم الزنك للمساعدة في منع امتصاص النحاس في الأمعاء، وبالتالي تقليل تراكمه في الجسم.
3. العلاج الداعم
في بعض الحالات المتقدمة، قد يحتاج المريض إلى زراعة الكبد إذا تعرض الكبد للتلف الشديد.
4. التغذية السليمة
اتباع نظام غذائي منخفض النحاس يمكن أن يكون جزءًا من العلاج. يشمل ذلك تجنب الأطعمة الغنية بالنحاس مثل المأكولات البحرية و المكسرات و الكبد.
5. المتابعة المستمرة
يحتاج المرضى إلى مراقبة طبية دورية لمتابعة مستويات النحاس في الجسم ومراقبة تطور الأعراض.
الخاتمة
مرض ويلسون هو اضطراب وراثي نادر يسبب تراكم النحاس في الجسم ويؤثر بشكل أساسي على الكبد و الدماغ و الكلى. من خلال التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن التحكم في تراكم النحاس ومنع مضاعفات المرض. الأدوية مثل البنسيلامين و الدايميركابرول يمكن أن تساعد في إزالة النحاس الزائد من الجسم، في حين أن العلاج الداعم مثل زراعة الكبد قد يكون ضروريًا في الحالات المتقدمة. مع العلاج المستمر والمتابعة الطبية المنتظمة، يمكن للعديد من المرضى المصابين بمرض ويلسون أن يعيشوا حياة طبيعية أو قريبة من الطبيعية.