متلازمة توريت: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج
متلازمة توريت هي اضطراب عصبي يتميز بظهور الحركات اللاإرادية (تسمى التكتلات الحركية) و الأصوات غير المتوقعة (تسمى التكتلات الصوتية). يتميز المرض عادة بظهور أعراضه في الطفولة المبكرة ويستمر طوال الحياة، على الرغم من أن الأعراض قد تتحسن مع تقدم العمر. رغم أن متلازمة توريت تعتبر اضطرابًا عصبيًا نادرًا، فإنها تؤثر على العديد من الأشخاص حول العالم، وتُشخص عادة في مرحلة الطفولة بين سن 5 و 10 سنوات.
ما هي متلازمة توريت؟
متلازمة توريت هي اضطراب عصبي ينطوي على الحركات اللاإرادية و الأصوات التي لا يستطيع الشخص التحكم فيها. تشمل الحركات اللاإرادية التي تحدث في متلازمة توريت عادة حركات عضلية غير طوعية مثل الوميض المفرط للعيون أو تحريك الرأس أو التململ. كما تشمل الأصوات اللاإرادية مثل الأصوات المفاجئة، التنهدات أو التكرار اللفظي للكلمات أو العبارات.
غالبًا ما تبدأ هذه الأعراض في الطفولة المبكرة (عادة بين سن 5 و 10 سنوات)، وتزداد شدتها في مرحلة المراهقة. وفي بعض الحالات، قد تتحسن الأعراض أو تتقلص مع تقدم الشخص في العمر.
أسباب متلازمة توريت
تُعتبر متلازمة توريت مرضًا عصبيًا، لكن الأسباب الدقيقة له غير مفهومة تمامًا. يعتقد الباحثون أن هناك تركيبة معقدة من العوامل الجينية والبيئية التي تلعب دورًا في تطور هذا الاضطراب.
1. العوامل الجينية
يوجد دليل قوي على أن متلازمة توريت تكون أكثر شيوعًا بين الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من الاضطرابات العصبية. تظهر الدراسات أن هناك عوامل وراثية يمكن أن تسهم في تطور المرض، رغم أنه لا يوجد جين واحد مرتبط بالمرض بشكل مباشر.
2. العوامل العصبية
يعتقد العلماء أن خللًا في النواقل العصبية (المواد الكيميائية في الدماغ التي تنقل الإشارات بين الأعصاب) مثل الدوبامين يمكن أن يكون له دور في التسبب في الحركات اللاإرادية والأصوات غير المتوقعة.
3. العوامل البيئية
بعض الدراسات تشير إلى أن العوامل البيئية مثل التعرض للإجهاد أو العدوى الفيروسية قد تلعب دورًا في تحفيز الأعراض أو تفاقمها لدى الأفراد الذين لديهم استعداد وراثي.
أعراض متلازمة توريت
تتفاوت الأعراض في متلازمة توريت بشكل كبير من شخص لآخر. الأعراض قد تكون خفيفة أو شديدة، وفي بعض الحالات، يمكن أن تختفي الأعراض مع مرور الوقت. وتشمل الأعراض الرئيسية:
1. التكتلات الحركية (الحركات اللاإرادية)
هي الحركات التي لا يمكن التحكم فيها، مثل:
الوميض المتكرر للعيون.
التحريك المستمر للرأس أو الذراعين.
التململ أو حركات مفاجئة في الجسم.
التشنجات في الأصابع أو اليدين.
2. التكتلات الصوتية (الأصوات اللاإرادية)
الأصوات غير الطبيعية تشمل:
التنهدات أو التنفس العميق.
التكرار الصوتي للكلمات أو الأصوات (التكرار اللغوي أو "الإيكولاليا").
الألفاظ النابية أو العبارات غير المناسبة (تسمى الطيش أو التكرار الإجباري للكلمات).
3. الأعراض النفسية والسلوكية
يعاني بعض الأشخاص المصابين بمتلازمة توريت من مشاكل نفسية وسلوكية مثل:
القلق أو الاكتئاب.
السلوكيات الإدمانية أو الاندفاعية.
صعوبات في التركيز أو فرط النشاط.
التهيج أو صعوبة التحكم في المشاعر.
4. أعراض مرتبطة باضطرابات أخرى
قد يظهر لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة توريت بعض الاضطرابات المصاحبة مثل:
اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
اضطراب الوسواس القهري (OCD).
تشخيص متلازمة توريت
تشخيص متلازمة توريت يتم عادة عبر الفحص السريري وتقييم التاريخ الطبي للمريض. لا يوجد اختبار واحد يمكنه تأكيد التشخيص بشكل قطعي، لكن يمكن اتباع الخطوات التالية:
1. الفحص السريري
يعتمد الطبيب على مراجعة الأعراض التي يعاني منها المريض، وكذلك الفحص الجسدي للتحقق من وجود الحركات اللاإرادية والأصوات. عادةً ما يتم تشخيص المرض إذا كانت الأعراض قد ظهرت قبل سن 18، واستمرت لأكثر من عام.
2. استبعاد الحالات الأخرى
قد يقوم الأطباء بإجراء بعض الفحوصات لاستبعاد الأسباب الأخرى للأعراض، مثل الأمراض العصبية أو الاضطرابات النفسية التي قد تظهر أعراض مشابهة.
3. التقييم النفسي
قد يتضمن التشخيص أيضًا التقييم النفسي أو تقييم السلوك من قبل اختصاصي في الصحة العقلية لمساعدة الطبيب في تحديد ما إذا كانت الأعراض مرتبطة باضطرابات نفسية أخرى.
علاج متلازمة توريت
على الرغم من أن متلازمة توريت لا يمكن علاجها بالكامل، إلا أن هناك العديد من خيارات العلاج التي يمكن أن تساعد في إدارة الأعراض وتحسين نوعية الحياة للمرضى. العلاج يختلف بناءً على شدة الأعراض واحتياجات كل مريض.
1. العلاج الدوائي
يتم استخدام بعض الأدوية للحد من الأعراض الشديدة التي تؤثر على حياة الشخص اليومية. تشمل الأدوية المستخدمة:
الأدوية المضادة للذهان (مثل الريسبيريدون) لتقليل الحركات اللاإرادية.
الأدوية المهدئة مثل البنزوديازيبينات لتقليل التوتر والقلق.
الأدوية المنشطة في حالة وجود اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD).
2. العلاج السلوكي
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يمكن أن يساعد المرضى في إدارة التوتر وتحسين التحكم في الحركات اللاإرادية والأصوات. يشمل العلاج السلوكي تقنيات لتعليم المريض كيفية تقليل التكتلات أو إبطائها.
3. العلاج بالتدريب الحركي
العلاج المهني و العلاج الفيزيائي يمكن أن يساعدا في تحسين التنسيق الحركي والتعامل مع الحركات غير الطبيعية.
4. الدعم النفسي والعاطفي
في بعض الحالات، يمكن أن تكون الدعم النفسي و العلاج الأسري ضرورية للمساعدة في التعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تصاحب المرض.
الخاتمة
متلازمة توريت هي اضطراب عصبي يتميز بالحركات اللاإرادية والأصوات غير المتوقعة التي قد تظهر في الطفولة المبكرة. على الرغم من أن المرض لا يمكن علاجه بشكل نهائي، إلا أن هناك خيارات علاجية متعددة لتحسين الأعراض وجودة الحياة. من خلال العلاج الدوائي، العلاج السلوكي، و الدعم النفسي، يمكن للأفراد المصابين بمتلازمة توريت أن يعيشوا حياة طبيعية ومنتجة.